تقرير الغياب

التغيب عن العمل وآثاره على الإنتاجية
إن انتشار التغيب عن العمل، شكل ظاهرة مرضية في المجتمع العربي، وقد اصبحت من الموضوعات الحديثة التي تشغل بال المفكرين والمتخصصين نظرا لاهميتها ليس فقط في مجال علم الاجتماع وانما ايضا في مجالات علم النفس وادارة الاعمال وادارة الافراد، وللوقوف على اهمية هذا الموضوع اثرنا في مقالاتنا السابقة الحديث عن الرقابة الادارية ومدى اهميتها، لنستكمل البحث في موضوع التغيب ومدى ارتباطه بتأخر الانتاجية وجعله المنفذ والباب لكافة التطورات الاقتصادية، وهو الروتين الاداري في المجتمعات العربية، فغياب الموظف، هو الانقطاع عن العمل بسبب طارئ خارجي عن ارادة الفرد يجعله محميا من الناحية القانونية، وهو حق مقدس له للراحة، بينما التغيب هو ان تكون هناك ارادة بالانقطاع عن العمل، وهذه الارادة متوافرة بكثرة للاسف في مجتمعاتنا مثل ارادة عدم الاستيقاظ صباحا، ارادة خلق عمل اثناء الدوام وغيرها، وتكمن المشكلة في ان التغيب عن العمل قد ينشأ ويعبر عن اسباب مفتعلة او غير مفتعلة، ومن تعاريف التغيب كما عرفها سارجنت فلورنس أنه الوقت الضائع في الادارة العامة والخاصة بسبب تغيب العاملين، هذا التغيب الذي يمكن اجتنابه، عن طريق فرض رقابة ادارية تتوافق مع المستوى المهني للموظف، ولا يدخل ضمن مفهوم التغيب الوقت الضائع بسبب اضراب العمال او بسبب اغلاق الشركات او بسبب التأخير لمدة تصل الى ساعة واحدة او ساعتين مثلا بل التغيب المؤثر هو اعتياد الافراد الغياب لفترات طويلة تحت مسميات عديدة وبحراسة قانونية وحماية ادارية فندخل بعدها مباشرة الى الانتاجية السلبية والتأخر، وقد قام وليام بتعريف التغيب بانه الشكل العام للفاقد البشري والقصور من جانب العمال في الحضور للعمل في الوقت الذي من المفروض ان يكون العمال في العمل، ان عدم حضور العامل ليمارس عمله في الوقت المحدد الذي من المفترض ان يكون فيه موجودا ليؤدي العمل طبقا لنظام الانتاج بدأ يأخذ حيزا مهما من الاهتمام وبخاصة بعد ان اصبح يشكل عائقا مضرا الى حد كبير ولابد من التعامل معه بشكل فعال، فهذا التغيب يؤدي الى فقدان الكفاءة والفعالية فضلا عن تسببه في وضع ضغط كبير وغير ضروري على الزملاء في العمل، ناهيك عن ان الموظف المتغيب يصبح بمرور الوقت آلة تحضر لاثبات الحال بعدها يدخل المفهوم السلبي للموظف المنتج، ففي الدراسات التي اجريت في فرنسا حول مفهوم الانتاجية وتطورها، وجد علماء الاجتماع ان التركيز والمثابرة على العمل اهم الدعائم التي بنيت عليها خططهم العشرية للتطور والنهوض، واذا كانت الازمات التي عصفت بالدول العربية افقدتها الحماسة ودفعت بموظفيها وعمالها الى التغيب، فان الانتاجية تبقى دائما منتظرة على مفترق الطرق، تتربص باقتصاديات اصبحت مهترئة من الاساس، واذا كان الموظف والعامل لا يعي المسؤولية الملقاة على عاتقه من خلال ممارسته للعمل الذي هو وطني بامتياز، فالسلام على الوطن الذي ينتمي اليه.